X


الشباب في العصر الرقمي، كيف يقودون الحركات الاجتماعية ويصنعون التغيير عبر الإنترنت؟

 

في العصر الرقمي، تغيّرت طرق مشاركة الشباب في الحركات الاجتماعية بشكل جذري، حيث أصبح العالم الافتراضي مسرحاً جديداً لنشاطهم. تعتمد هذه الحركات على منصات التواصل الاجتماعي مثل إكس وإنستغرام وتيك توك، وهي أدوات فتحت أبواباً واسعة للشباب ليقودوا التغيير بأنفسهم. لكن كيف استغل هؤلاء الشباب هذه الأدوات لقيادة الحركات الاجتماعية؟

 

الشباب وقيادة الحركات الاجتماعية عبر الإنترنت

منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الشباب قادراً على التواصل ونشر الأفكار بشكل أسرع وأكثر فاعلية. يتميز النشاط الرقمي بسهولة الوصول وإمكانية التأثير الفوري، وهو ما يمكن الشباب من تجاوز الحدود الجغرافية والاقتصادية. على سبيل المثال، يمكن أن يبدأ شاب في بلد معين حملة على تويتر تضامناً مع قضية إنسانية أو بيئية، وسرعان ما تمتد تلك الحملة إلى مختلف أرجاء العالم. هذه السرعة في الانتشار تجعل من الممكن للشباب إحداث ضجة إعلامية تجذب انتباه صناع القرار والمجتمعات.

 

أمثلة على الشباب الذين قادوا الحركات الاجتماعية

من أبرز الأمثلة على الشباب الذين استخدموا الأدوات الرقمية لقيادة الحركات الاجتماعية الشابة السويدية غريتا ثونبرغ. بدأت غريتا إضراباً مدرسياً احتجاجاً على تقاعس الحكومات عن مواجهة تغير المناخ، وانتشرت دعوتها بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتصبح رمزاً لحركة عالمية تحث على حماية البيئة. من خلال "هاشتاغ" بسيط #FridaysForFuture، استطاعت غريتا توحيد ملايين الشباب حول العالم في مسيرات مطالبة بالتغيير.

 

في العالم العربي، ظهرت حركات شبابية مشابهة، حيث استخدم الشباب منصات مثل فيسبوك وتويتر لتنظيم احتجاجات والدعوة إلى التغيير. في مصر، على سبيل المثال، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تحفيز الشباب للمشاركة في الثورة المصرية عام 2011، حيث كانت الصفحات والمنشورات تنتشر بسرعة فائقة وتوجه المتظاهرين وتنسق الاحتجاجات.

 

تحديات واستدامة الحركات الرقمية

على الرغم من الفعالية الواضحة للنشاط الرقمي، إلا أن هناك تساؤلات حول مدى عمق واستدامة هذه الحركات. يُطلق على النشاط الرقمي أحياناً "النشاط الكسول" أو "السلبي"، لأن المشاركة قد تقتصر على إعادة نشر المحتوى أو الضغط على زر "الإعجاب" دون اتخاذ خطوات ملموسة على أرض الواقع. مع ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن الكثير من الشباب يرون أن هذا النشاط الرقمي هو مجرد خطوة أولى نحو اتخاذ إجراءات فعلية مثل التطوع أو التبرع.

 

إلى جانب ذلك، تفتقر العديد من هذه الحركات إلى البنية التنظيمية التي توفرها المؤسسات غير الحكومية (NGOs) على الرغم من أن النشاط الرقمي يتميز بالمرونة والتلقائية، إلا أن المؤسسات تقدم بنية تحتية مستدامة ومتابعة للمشروعات لضمان تحقيق أهداف بعيدة المدى.

 

المستقبل: التوازن بين النشاط الرقمي والمشاركة الفعلية

لتحقيق التغيير المستدام، يحتاج الشباب إلى إيجاد توازن بين الحماس الفوري للنشاط الرقمي والاستمرارية التي تقدمها المؤسسات التقليدية. المؤسسات يمكنها أن تكون الجسر بين الفعل الرقمي العفوي والعمل الملموس المنظم. فقط من خلال هذا التوازن يمكن للشباب التأثير بعمق على القضايا التي تهمهم، سواء كانت بيئية، اجتماعية، أو سياسية.

 

في الختام، يمثل العصر الرقمي فرصة غير مسبوقة للشباب ليكونوا قادة في الحركات الاجتماعية. بفضل الأدوات والمنصات الرقمية، أصبح بإمكانهم المشاركة في التغيير من أي مكان في العالم، والتأثير على السياسات والمجتمعات بطريقة لم تكن ممكنة في السابق. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان أن هذا النشاط الرقمي يقود إلى تغيير حقيقي ومستدام.


 

The sources

https://latinoamerica21.com/en/youth-activism-in-the-digital-age/

 

https://www.eyes-on-europe.eu/the-role-of-social-media-in-transnational-youth-activism/

https://www.mdpi.com/2071-1050/13/18/10485